لا زالت أراقبها

مرت سنوات كثيرة علي آخر لقاء الذي لم يختلف كثيراً عن لقائتنا السابقة ففي ذات المكان وفي ذات الموعد كنا نلتقي قديما و ها نحن نلتقي مرة أخري .

كنا دوما علي موعد لم أخلفه لا أنا ولا هي كنا نلتقي بلا اتفاق مسبق كانت في نفس سني وفي نفس الكلية ونسكن في نفس الحي وكان دوما القدر يهئ لنا اللقاء كانت دوما ما تقع عيني عليها وكانت تقع عيناها علي أو هكذا كنت أظن ولكن لم تنبت شفتانا بكلمة

كانت تمتلك جمالا خاصاً كنت أذكر فيها ما عرفت عن جمال نفرتيتي أو حتشبسوت كانت مصرية جدا كانت دوما تذكرني بأغنيها أسمر يا سمراني للعبد الحليم حافظ.

ورغم أعجابي الشديد إلا أنني لم أمتلك يوما الجرأة أو أنتهز فرصة لأخبرها بحقيقة أعجابي بها أو الحديث إليها أو الأقتراب منها دوما ما كان يمنعني خجلي أو خوفي أو حسابات أخري .

كنت دوما ما أؤمل نفسي بأنني في يوما ما سوف استطع الحديث معها ومرت السنون ولكنني لم استطع ذلك أو هكذا كنت أود .

كانت دوما وحدها لم أجدها يوما مع أحد وكانها ملكة لم تجد بين أقرانها من يستحق أن يحدثها أو حتي ينال شرف القرب منها ورغم ما تمتلكه من الجمال ومقومات لم أجدها يوما مع شاباً وهذا ما كان دوما يجعلني أخشي القرب منها .

كثيرا ما كنت أظن أنها تشاركني نفس المشاعر ونفس الرغبة ولكن يمنعها حيائها وهذا ما كان يجدد لدي الأمل ولكن ما كنت ألبث إلا أن أعود أدراجي فربما تستهويها نظراتي ومراقبتي لها من بعيد أو أنني لست سوي سارح في أحلام اليقظة .

وبعدما انتهت الدراسة أفترقنا رغم أننا لم نلتقي لم أعد أراها فرغم أننا نقطن ذات الحي الذي أعيش فيه لكن بعدتني مشاغل الحياة ولم يعد ذات الشعور يروادني فلم يكن يوما حبا أو عشقا لكنه لم يكن سوي ولع بهذا الجمال .

اليوم حين رأيتها بعد تلك السنون وجدتها قد تغيرت كثيرا فلم تعد ذات الملكة التى كنت ألقاها ولو أن ملامحها الراسخة في أذهاني لما عرفتها

ولكني لا زالت أراقبها كما كنت رغم أنني لست ذات الشاب ولم تعد هي ذات الفتاة ولكنها ذكريات قد مضت وأيام قد جرت ومستقبل ينتظر .