مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ

تثيرتي جدا برامج التوك شو أي البرامج الحوارية وما يحدث فيها من سخط وغلط وصراخ ومهاترات و تداخل في المناقشات وكأننا في عركة وهذه البرامج ليست سوي صورة من صور قصور ثقافة الحوار في مجتمعنا العربي ككل وغياب التعددية .

فما أن يثار قضية من القضايا إلا وتجد أحد أطراف الحوار يتمثل بقول فرعون حين قال لقومه (مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ ) فلا قبول للرأي الأخر مهما كان ما دام يخالف رأيه ويناقضه كليا أو حتي جزئيا

فنحن لم نتربي علي تعدد الآراء وثقافة الحوار بل علي الانغلاق وسيطرة الرأي الواحد فالطفل في الأسرة تربي علي الطاعة فقط بلا أي صورة من صورة الحوار ولم يعتد رؤية حوار سليم فمن ديكتاتورية الأب في المنزل صاحب السلطة المنفردة الذي يمارسها علي الزوجة والأبناء بلا نقاش فهو وحده من يلقن أبناءه ما يجوز وما لا يجوز وما علي الزوجة والأبناء إلا الطاعة بلا نقاش وبلا اختلاف في الرأي حتي وإن كان هناك اختلاف في الرأي ففي صوره السلبية التى تكرس صورعدم تقبل الرأي الآخر .

وإلي المدرسة حيث المدرس هو مصدر الرئيسي والأساسي للمعلومة بالنسبة للطفل الذي أصبح مجرد وعاء يملء بلا أي نقاش أو حوار وأن أثيرت موضوعات عقائدية غيبية يتربي الطفل علي الرأي الواحد وإن الأمر هكذا بلا نقاش فالنقاش سيخرجك من بؤرة الإنسان السوي المؤمن في منظور من حولك و بلا اقتناع لا بد أن تؤمن بهذه الغيبيات .

هكذا يخرج الطفل للمجتمع ليصبح فرد من أفراده وهو لا يستطيع تقبل الرأي الأخر فهو لم يربي علي تقبل راي آخر لا في البيت ولافي المدرسة لم يعتد أن يقول رأيه وتصوراته عما يطلب منه أو ما يريده هو أعتاد أن يتلقي فقط .

ومن هنا ينبغي أعادة صياغة مفهوم التربية والتعليم في عالمنا العربي بحيث تسمح بالحوار والنقاش بصورة تفاعلية مع الطفل منذ الصغر أن يعتاد الطفل أن يسمع لرأيه و أن يقتنع بما ينبغي أن يقوم به وبما يجوز أو لا يجوز بشفافية وصدق .

قراءة للمقال بعنوات التربية وثقافة الحوار ل د/ فايز نايف القنطار ( مجلة العربي عدد 605 ربيع الآخر 1430 )