الأربعاء، 30 أبريل 2008
الأربعاء، 30 أبريل 2008

الوفاء بالعهد

في زمن عز فيه الوفاء وسارت الخيانة حكمة والأمانة ساذجة في زمن نقض العهود  ذكرني موقف النائب النرويجي الذي ألتهم حذاء قديم أمام الكاميرات وملايين المشاهدين ولم يثنيه ذلك عن الوفاء بوعده الذي قطعه علي نفسه منذ 7 سنوات بأن يلتهم خفا قديما ومستعملاً جدًا، حيث يبدو أنه يخص واحدًا من جيل الأجداد، طبقًا لوكالة الأنباء النرويجية NTB إذا لم يتجاوز تأسيس دار الأوبرا الجديد الـ 10 مليارات كورون نرويجي (مليار و300 مليون يورو).

ذكرني هذا بنوادر العرب وعجائبهم وغرائبهم في الوفاء بالعهد كقصة الطائي  ..........



قد كان النعمان قد جعل له يومين يوم بؤس من صادفه فيه قتله ، ويوم نعيم من لقيه فيه أحسن إليه وأغناه. وكان هذا الطائي أخرجته الفاقة من محل استقراره ليرتاد شيئاً لصبيته وصغاره، فبينما هو كذلك إذ صادفه النعمان في يوم بؤسه فلما رآه الطائي علم أنه مقتول،

فقال: حيا الله الملك إن لي صبية صغاراً وأهلاً جياعاً وقد أرقت ماء وجهي في حصول شيء من البلغة لهم، وقد أقدمني سوء الحظ على الملك في هذا اليوم العبوس وقد قربت من مقر الصبية والأهل وهم على شفا تلف من الطوى، ولن يتفاوت الحال في قتلي بين أول النهار وآخره، فإن رأى الملك أن يأذن لي في أن أوصل إليهم هذا القوت وأوصي بهم أهل المروءة من الحي لئلا يهلكوا ضياعاً ثم أعود إلى الملك وأسلم نفسي لنفاذ أمره.

فلما سمع النعمان صورة مقاله وفهم حقيقة حاله ورأى تلهفه على ضياع أطفاله رق له ورثى لحاله، غير أنه قال له: لا آذن لك حتى يضمنك رجل معنا فإن لم ترجع قتلناه، وكان شريك بن علي بن شرحبيل نديم النعمان معه فالتفت الطائي إلى شريك وقال له: يا شريك بـن عـدي ما من الموت انهزام

مـن الأطفـــال ضعـــــــــــاف *** عـــــــــدمـــوا طعـــــم الطعــــــــــــام

بين رجـــــــــــــوع وانتظــــــــــار *** وافتقــــــــــــــــــــــــارا وسـقــــام

يا أخـــــــــــا كـــــــــل كـــــــــــريم *** أنت مـــــــــــــــــن قوم كـــــرام

يا أخــــــــــــــــا النعمـان جــــــــــد *** لي بضمـــــــــــان والــــــــتـزام

ولك الـلــــــــــــــه بـأنــــــــــــــي *** راجــــــــــــع قبل الظـــــــــــــــلام

فقال شريك بن عدي: أصلح الله الملك، علي ضمانه فمر الطائي مسرعاً وصار النعمان يقول لشريك: إن صدر النهار قد ولى ولم يرجع، وشريك يقول: ليس للملك علي سبيل حتى يأتي المساء فلما قرب المساء قال النعمان لشريك: قد جاء وقتك قم فتأهب للقتل. فقال شريك: هذا شخص قد لاح مقبلاً وأرجو أن يكون الطاثي فإن لم يكن فأمر الملك ممتثل، فبينما هم كذلك وإذ بالطائي قد اشتد عدوه في سيره مسرعاً حتى وصل. فقال: خشيت أن ينقضي النهار قبل وصولي. ثم وقف قائماً وقال: أيها الملك مر بأمرك فأطرق النعمان ثم رفع رأسه وقال: والله ما رأيت أعجب منكما أما أنت يا طائي فما تركت لأحد في الوفاء مقاماً يقوم فيه ولا ذكراً يفتخر به، وأما أنت يا شريك فما تركت لكريم سماحة يذكر بها في الكرماء. فلا أكون أنا ألأم الثلاثة ألا وأني قد رفعت يوم بؤسي عن الناس ونقضت عادتي كرامة لوفاء الطائي وكرم شريك.

وقال : ما حملك على الوفاء وفيه إتلاف نفسك؟ فقال: ديني فمن لا وفاء فيه لا دين له. فأحسن إليه النعمان ووصله بما أغناه وأعاده مكرماً إلى أهله وأناله ما تمناه.

5 تعليقات:

  1. روعة يا ابو مروان، أين نحن من هذا اليوم، إذا كان أتفه شيء وهو الالتزام بالمواعيد غير موجود، بل أصبح الوصول على الموعد عيب، والتأخر ربع ساعة يعني أنك من الناس الأكابر، أصحاب المشاغل والأعمال.

    ردحذف
  2. العرب في وفائهم وفي مروؤتهم لا يضاهيهم أحد أبدا،،،،، لكننا نفقد هذه الأشياء ونضيعها بأنفسنا،،،،،

    أشكرك على المقالة

    ردحذف
  3. احسنت

    لدينا من القيم والمبادئ مالو عملنا بها لتقدمنا على العالم باسره

    شكر الله لك

    ردحذف
  4. والله العرب أسلوبهم غريب في مسألة الوفاء بالعهود , ماشيين بدماغهم . .
    مره يوفوا و عشره لاء . .

    ردحذف
  5. أما والله نحن أحق منهم بالعهد
    لكنا تهاونا في ديننا فهنا على غيرنا

    استغفر الله العظيم وأتوب إليه

    ردحذف