الأربعاء، 29 يناير 2014
الأربعاء، 29 يناير 2014

غسيل المخ والهروب الكبير


هنالك  في عقلي وعقلك وعقول الآخرين ، العديد والعديد من الأفكار ، أفكار تتلو أفكار ، أفكار مختلفة ومتنوعة وقد تكن متناقضة في أحيان ومتسقة في احيان أخري ، أفكار مرتبطة بالماضي والحاضر والمستقبل ، أفكار مرتبطة بتساؤلات عدة كيف ومتي وأين ولماذا أفعل أو لا أفعل ، افكار كثيرة جدا .

ويدور صراع شديد جدا ما بين ما نعيشه وما بين ما نعتنقه من كل هذه أفكار ، صراع  نعيشه منذ زمن بعيد منذ وجدنا علي هذه الآرض ، فرغم أني لا أذكر كيف كنت وأنا صغير إلا وأنني منذ حيث أذكر أذكر أنه هنالك صراع في عقلي ما بين ما اريد وما ينبغي وما يحمله لنا واقعنا ومحيطا من قيود جمة ..


لا أدري لماذا هذه المقدمة ولا أدري ماذا ينبغي أن اقول بعدها وهل هنالك حقا موضوع يدور في ذهني يحتاج لأن يكتب أم أنه مجرد ثرثرة في محاولة مني للهروب مؤقت من هذا الصراع الحاصل في عقلي  ..ففي أحيان كثيرة يكن فعل شئ ما كالكتابة مثلا فعل يساعد علي الهروب من هذا صراع وقد تنجح مثل هذه الطريقة في التخلص من هذه الحالة  ولكن في حقيقة الأمر أنه هروب مؤقت سرعان ما سيعود مرة أخري مع أول تصادم نعيشه ويعتبر هذا الهروب  حالة من حالات الاسترخاء الذهني مؤقت  الذي نعيشه بعيدا عن هذا الصراع وما إن ينتهي إلا عدنا في حالة من حالات الصراع من جديد ..فلا يمكن الهروب نهائيا من واقعنا الذي نعيشه بهذه الصورة فنحن مرتبطين بهذا الواقع نتفاعل ونتعامل معه سلبا وإيجابا رضيا ذلك أو أبينا ...

بالأمس سمعت فيديو يتحدث عن غسيل المخ أوما يعرف باصلاح الفكر ويعرف غسيل المخ طبقا لموسوعة ويكبيديا "بإنه استخدام أي طريقة للتحكم في فكر شخص واتجاهاته دون رغبة أو إرادة منه"  وتطويرها واصلاحها كما يري القائم بهذه العملية...

وبعيدا عن ما ذكره هذا الفيديو  وبعيدا عن تاريخ غسيل المخ أو التجارب التى قام بها العلماء وما تفعله الأجهزة المخابرات والأمن في هذا الشأن ... فأنا لست بصدد تأصيل أو تقديم علمي لعملية غسيل المخ تلك وكل ما هنالك إن هذا الفيديو استدعي انتباهي لفكرة ما وهي إن كان  سيكن من الممتع المفيد أن يكن هنالك ما يذهب له ناس  كعيادة أو مستشفي او مصحة أو أيا كان المسمي ومعهم قائمة من الأفكار والتواجهات والعادات السيئة التى  يود تغيرها إلي آخري جيدة عن طريق غسيل المخ . كنت حقا سوف أكون أول من يذهب إلي مثل هذه الإماكن فلدي كم هائل من هذه الأمور السيئة التى اود تغيرها وتبديلها لأخري جيدة ..

تساؤل قد يتبادر للذهن الآن مع علاقة بين هذه الفقرات وبعضها البعض   ...قد تقول  إنها مجرد ثرثرة لا تغني ولا تسمن من جوع ...لا إنها ليست كذلك هنالك علاقة ما أود أن اصل إليها وهي أنه هنالك صراع يدور في عقلي الآن ومن قبل وقديما جدا وقد يستمر حتي تفيض هذه الروح إلي بارئها مرتبط باشياء سيئة في افكاري وتوجهاتي وقد تكن مثلي في نفس هذه الحالة ولكنها إن تغيرت قد يكن الصراع أقل حدة أو قد ينعدم ..ويكن غسيل المخ ما هو إلا علاج دائم لحالة الصراع التى قد أعاني منها وليس مؤقت كفعل الكتابة التى ذكرته آنفاً

 ولكن أيضا قد يكن عملية غسيل المخ تلك مفيدة لمن يعش صدام ما  رغم ما لديه من  افكار وتوجهات سليمة 100% ولكنها في نفس ذات الوقت تتصادم مع واقع ومجتمع  فاسد - ولكنها في هذه الحالة لن تسمي  بإصلاح الفكر ربما إفساد فكر أو اي مسمي آخر سلبي بعيد عن اصلاح او غسيل - ونحتاج لهذه العملية حينها لأنك مجبر علي أن تعيش هذا الواقع بكل ما يحمله من قيود رغم أنفك فوجب إذن تبديل تلك الأفكار وتغيرها حتي  يصبح المرء اكثر اتساقا مع هذا الواقع واكثر قابلية معه ، مما يعطيه راحة نفسية اكثر ويعفيه من هذا الصراع الأبدي ما بين ما يؤمن به ويعتقده من أفكار وتوجهات وما بين ما يراه في هذا الواقع من حوله خاصة وإن كان لا يستطيع أن يصنع شئ حيال هذا الواقع ...

لاا داعي للعجلة فهي ليست دعوة لأفساد البقية الباقية من مجتمع من الصالحين وإنما هو  مجرد توضيح بسيط ربما قد يتجلي في السطور المتبقية

فهذه الحالة قد نسميها بالهروب الكبير الذي لا يلجأ إليه إلا الضعاف النفس الذين لا يستطيعون التأقلم مع واقعهم بايجابية فيلجوا لأقناع أنفسهم بسليات هذا الواقع الذي يعيشون فيه وهم يقومون بهذه العملية تلقائيا دون الحاجة لمن يساعدهم في ذلك  ولا يحتاجون لعيادة غسيل مخ ، فكل ما عليهم القيام به  للوصول لهذه الحالة هو  الاستسلام لهذه السلبيات  والرضا بها بل و القيام بها ايضا وتبرير ما يفعله غيرهم من سلبيات ليزيحوا عن ضمائرهم عبء تأنيب الضمير مستقبلا مما يجعلهم في النهاية لا يتصادمون مع الواقع الذي يعيشون فيه .

أما أصحاب النفوس السلمية ذو بصيرة يحاولون تقويم  سلبيات هذا المجتمع قدر المستطاع ويحافظون علي انفسهم ويأملون أنفسهم دوما بتغير هذه السلبيات  التى يقع فيها هذا المجتمع وهذا الواقع الذي يعيشون فيه مسقبلا وقد يحدث ما يأملون به وقد لا  ولكنهم لا ييأسون ويجددون الأمل دوما رغم ما قد يعتريهم من آن لآخر من يأس ولكن سرعان ما يستعيدون عافيتهم من جديد ، فانهم  يقاومون دوما ولا يحتاجون لعملية غسيل مخ  حتي يتخصلوا من هذا الصراع فهم يرون في هذا الصراع أحدي الوسائل المساعدة في لاصلاح ما قد يعتريهم ويعتري غيرهم من فساد..

ولا يفلح مع هؤلاء محاولات الفسدة في مجتمعاتهم الذي يحاولون عمل غسيل مخ إجباري لأفساد أخلاقهم وأفكارهم وتوجهاتهم بما يمتلكه هؤلاء الفسدة من وسائل عدة  بل يقاومون ايضا ويضعون انفسهم دوما في مواجهة دائما مع هذه المحاولات .

لم يكن هدفي من البداية الحديث عن غسيل المخ وما هيته ولكن أردت أن اتحدث عن أن هنالك من قد يستاسلمون بسهولة لواقعهم السئ وهنالك من لا يستأسلمون أبدا ممن هم مؤمنين حق الإيمان بمبادئهم وافكارهم وتوجهاتهم رغم ضعفهم وقلة حيلتهم في مواجهة هذا الواقع السئ الذي يعيشون فيه وما يعانونه من صراع  وأن هنالك من هم متذبذبون قد يقعون في فخ عملية غسيل المخ تلقائيا دون أن  يدروا  نتيجة هذا الصراع الذي يعيشونه والضعوط النفسية والعصبية التى قد يتعرضون لها ...


** هذا الموضوع مشارك في مسابقة التدوين الثانية للأخ عبدالله المهيري



3 تعليقات: