حديث المدينة

الناس في مصر تفقه الحديث في كل شئ وعن كل شئ ولايوجد شئ لا يمكنها الحديث عنه فإذا كانت قضية سياسية تجد التحليلات التي قد لا يجدها جهابذة السياسية وإن كان الأمر يتعلق بالطب والصحة تجدهم حاصلين علي أعلي شهادات الزمالة في أعرق كلبات الطب العالمية وإن كان الأمر يتعلق بالدين فهم ليسوا بعلماء فقط ولكن أنبياء ورسل وفي أحيان كثيرا ألهة يحكمون علي هذا بالأيمان وهذا بالكفر وفي الكورة فكل الناس أبو تريكة في ملعب أو حسن شحاته خارج الملعب

وحسب ما يدور فلك الأعلام يدور الناس فإذا أهتم الأعلام بقضية أنفلونزا الخنازير مثلاً تجد حديث الناس عن المرض وأعراضه وكيف ينتقل ومدي خطورته وكيفية طرق الوقاية منه وما ينبغي أن تفعله الحكومة وما ستتبعها هذه الأزمة من تدعيات علي الأسعار والأقتصاد وبما أن الأمر يتعلق بالخنازير ودين المسيحي فلن يغفلوا الفتنة الطائفية وتدخلات البابا وأمريكا وخوف الحكومة من اتخاذ قرار حاسم في أعدام الخنازير أو نقلها للصحراء ....... مرورا بموضوع فرح هيفاء وهبي وكم تكلف الفرح وما حدث فيه ومن هي الشخصيات التى حضرت الفرح ووكم كان مهر هيفاء وهبي ....ألخ.......ولا تنسي موضوع القبض علي خلية حزب الله فستجد ناس مع حزب الله والمقاومة وناس ضده والخوف علي الأمن القومي المصري وناس لا مع هذا ولا مع هذا حسب القناة التى شاهدوها طبعاً فمن شاهد قناة الجزيرة غير من شاهد قناة المحور . مرورا بالدوري وحكايات الأهلي والزمالك والإسماعيلي والحضري والمنتخب وعماد متعب وانتخابات الزمالك ولا ننسي طبعا شباب الأيموز والبهائية وغيرها من الموضوعات .

وفي ظل هذا كله غفل الناس الحديث عن قضايا أخري هامة كقضية فلسطين وما دار في غزة ولم نعد نسمع الناس تتحدث عن غزة والمجازر الأسرائيلية هناك فالناس في مصر تتحدث بالريموت كنترول أو كما يريدأصحاب المصالح فإذا اردوا أن يغفل الناس عن قضايا سياسية ظهرت قضية حزب الله وإن أردوا أن نغفل عما يحدث في السودان دارات رحي الحرب في غزة وإن أردوا أن يمنعوا بيع الطيور الحية ظهرت لنا أخبار عن أنفلونزا الطيور ومن بعد أنفلونزا الخنازير .

وفي كل هذا لا يتحري الناس والصدق والدقة في الحديث فإذا كان الخبر لا يتعدي سطر جعلوا صفحات بكذبة من هنا وكذبة من هناك فكل يضيف لمسته علي الخبر ويساعد في ذلك البرامج التلفزيونية التوك شو التى لا تراعي الحيادية والشفافية في عرض الخبر وتحليله إنما تراعي مصالح أصحابها .