مجانية التعلم والأنعرة الكذابة

قامت ثورة يوليو ومن أهم اهدافها ومبادئها هو تحقيق العدالة الاجتماعية ما بين الناس و تعددت الصور التى حققت فيها الثورة هذه العدالة منها توزيع الثروات علي الناس متمثلة في قانون الإصلاح الزراعي وكذلك توفير التعليم المجاني للفقراء ومحدودي ومعدومي الدخل و نجحت الثورة بعض الشئ في تحقيق بعضا من العدالة الاجتماعية بين الناس وأعادة شئ من التوازن ولكن كما يقال دوام الحال من المحال فمع تغير الأوضاع وأنفتاح مصر وتغير مبادئها الاقتصادية والسياسية من النظام الاشتراكي عهد عبد الناصر إلي النظام الرأسمالي بداية عهد أنور السادات وعهد مبارك عاد الوضع إلي ما هو عليه قديما  ورجعت ريما لعادتها القديمة وعاد زمن الاقطاعين من جديد بل أشد ضرواة  من ذي قبل.

وطبعا افتقدت في ظل هذا أيضا مجانية التعليم دورها في تحقيق شئ  من العدالة الاجتماعية .



فارتفاع كثافة الطلاب والتلاميذ في الفصول والكليات و انخفاض مستوي دخل المدرس الذي لجأ إلي دروس الخصوصية بالاضافة لتغيرات اجتماعية و اهتمامات المواطن المصري وتغيرات اخلاقية أخري أدي كل ذلك في النهاية إلي أنخفاض لا داعي أن نقول انهيار مستوي جودة التعليم في المدارس الحكومية فأصبح التلميذ في التعليم الثانوي أو الجامعي لا يعرف الآلف من كوز الذرة .

ومع ازدياد عدد الخريجين سنويا ممن لا يعرفون ألالف من كوز الذرة ازداد نسبة البطالة بين خريجي الجامعات وبعدما كان يقول عادل أمام قديما ( بلد شهادات صحيح ) أصبح يقول ريكو ( راح عليكي يا دنيا وراح زمن الشهادات ) وفعلا افتقدت مجانية التعليم دورها في تقليل الفوارق بين الأغنياء والأثرياء كما كانت تريد الثورة وأصبحت فقط أنعرة كذابة وبس  يعني يكفي أن يقول أحدهم أن أبنه حاصل علي بكالوريوس علوم أو ليسانس أداب أو أن يخبرك أحدهم أنه مهندس طاقة نووية ولكنه بالطبع عاطل.

وأصبح الدور الآول والأخير في الحصول علي وظائف هو الوساطة والمحسوبية أو المال وبغيرهم لن يحصل الشاب علي أي عمل مناسب إلا في حالصة حصوله علي بعض الاضافات أخري ( ليست اضافات ورد بريس طبعا وإلا كان الموضوع هيكون  سهل  ) مثل كورس انجليزي وكورس كمبيوتر ودبلومة في ايه وما جستير  عن ايه ولا يعني بالضرورة  حصوله علي تلك الاضافات وجود فرصة عمل ولكن أصبحت فرصته أفضل بعض الشئ خاصة في السفر للدول الخليج وسلملي علي الريال بتاع زمان.

و وإذا لم يستطيع فلن يجد أمامه سوي عمل خلاف ما درسه وتعلمه وقد يكون أقل مستوي ومهنية مما كان يتطلع إليه كأن يكون مندوبا للمبيعات أو عامل في مصنع أو قد يتدهور به الوضع إلي فراش أو عامل نظافة لا أزدري هذه الوظائف حاشا الله ولا أقلل من شأنها ولكن أصور الواقع الذي يقع عليه الشباب أثر مجانية التعليم المقنعة.

و قد يضطره في بعض الأحيان إلي الهجرة حينما لا يستطيع تقبل الواقع الذي هو عليه ويذكر نفسه بـ 15 عاما قضاها في التعليم ويكون في نهاية هذا هو مصيره وبرضه هيبيع جرايد وهيمسح صحون  البهدلة وراك وراك يابني

وورغم أننا بنقول مجانية التعليم لكن رب الأسرة يخصص جزء كبيرة من دخله من أجل تعليم ابناءه ذلك لانخفاض مستوي التعليم الذي يجعل التلميذ يلجأ إلي الدروس الخصوصية والكتب الخارجية والمذكرات والكورسات والمراجعات وغيره والذي يتحمل رب الأسرة مصاريفها رغم ضيق الحال وتعالوا اسالوا أبو أبو مروان وشوفوا ابو مروان .



ولذا ينبغي أن ننظر للموضوع بواقعية أكثر وننسي التعليم الجامعي وكفانا أنعرة كذابة فلم يعد الوضع كما هو عليه قديما فلن تستطيع الدولة واي دولة في العالم توفير فرص عمل مناسبة لأعداد الخريجين التى هي في أزدياد مستمر سنويا ولننظر لما يمكنا تقديمه لأبنائنا في حدود قدرتنا علي أن يستفدون منه لا أن يتفخرون به فقط يعني بالبلدي بلاش نقول أقرع ونزهي .

أذكر حينما تخرجت من الجامعة كان عدد الخريجين الحاصلين علي نفس التخصص من كلية واحدة أكثر من الفان خريج ولا أظن أن اي دولة تستطيع توفير ألفان فرصة عمل لكلية واحدة من بين اربع عشر كلية لنفس التخصص أي 28 ألف خريج في هذا عام فقط .

وعلي الدولة أن تنظر للموضوع نظرة موضوعية فأما توفر فرص عمل للشباب الخريجين كل حسب مؤهله بمرتبات مناسبة وليست 145 جنيه  أو تنظر للمجانية التعليم نظرة أخري كأن تجعل مجانية التعليم فقط للتعليم الأساسي مع توفير الكفاءة والجودة المناسبة ليتحصل التلميذ علي قدر من التعليم الأساسي المناسب وأن يكن التعليم الفني مجاني أيضا أما التعليم الثانوي والجامعي فيكون بمقابل علي أن تقدم منح للمتفوقين سنوياً مع الحفاظ علي مصداقية التعليم عموماَ فلا نسمع عن من لا يجيد القرأة والكتابة وأصبح طبيبا أو مهندساً فقط لأنه يمتلك المال .

علي فكرة وقبل ما ممشي أنا لست رأسماليا و لا ليبرالياً