الخميس، 27 مارس 2008
الخميس، 27 مارس 2008

ويل أمه مسعر حرب لو كان معه رجال


كثيرا منا هذه الأيام يشبه بطل قصتنا في إيمانه وحبه لدينه ونبيه صلي الله عليه وسلم ولكن تنقصه العزيمة والإرادة .

بعد ما هاجر النبي صلي الله عليه وسلم والمسلمون مكة إلي المدينة لم تخمد مشاعرهم شوقاً إلى مكة ، التي حيل بينهم وبينها ظلماً وعدواناً ، إلى أن جاء ذلك اليوم الذي برز فيه النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه ليخبرهم برؤياه التي رأى فيها دخوله لمكة وطوافه بالبيت ، فاستبشر المسلمون بهذه الرؤيا لعلمهم أن رؤيا الأنبياء حق ، وتهيّؤوا لهذه الرحلة العظيمة . وفي يوم الإثنين خرج الرسول صلى الله عليه وسلم ، يريد العمرة ومعه ألف وأربعمائة من الصحابة ، وليس معهم إلا سلاح السفر ، فأحرموا بالعمرة من ذي الحليفة ، فلما اقتربوا من مكة بلغهم أن قريشاً جمعت الجموع لمقاتلتهم وصدهم عن البيت .


فأبى صلي الله عليه وسلم وأصحابه إلا أن يدخلا مكة معتمرين فما زالت البعوث بينه وبين قريش حتى أقبل عليه سهيل بن عمرو ، فصالح النبي صلى الله عليه وسلم على أن يعودوا إلى المدينة ويعتمروا في العام القادم ، ثم كتبوا بينهم صلحا عاما وفيه :

( أنه لا يخرج من مكة مسلم مستضعف يريد المدينة إلا رُد إلى مكة ، أما من خرج من المدينة وجاء إلى مكة مرتدا إلى الكفر فيُقبل في مكة )



عندما رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة اشتد العذاب على الضعفاء في مكة حتى لم يطيقوا له احتمالا و استطاع أبو بصير أن يهرب من حبسه فمضى من ساعته إلى المدينة يحمله الشوق ويحدوه الأمل في صحبة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه .

مضى يطوي قفار الصحراء ، وتحترق قدماه على الرمضاء حتى وصل إلي المدينة فتوجه إلى مسجدها ، فبينما النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد مع أصحابه إذ دخل عليهم أبو بصير عليه أثر العذاب ووعثاءُ السفر وهوأشعث أغبر .

ما كاد أبو بصير رضي الله يلتقط أنفاسه حتى أقبل رجلان من كفار قريش فدخلا المسجد فلما رآهما أبو بصير رضي الله فزع واضطرب ، وعادت إليه صورة العذاب ، فإذا هما يصيحان :قائلان : يا محمد رده إلينا بالعهدُ الذي جعلت لنا

فتذكر النبي صلى الله عليه وسلم عهده لقريش أن يرد إليهم من يأتيه من مكة

فدعا أبا بصير فقال له‏ :‏‏" ‏يا أبا بصير ، إن هؤلاء القوم قد صالحونا على ما قد عملت ، وإنا لا نغدر، فالحق بقومك ‏"‏‏

فقال أبو بصير : يا رسول الله ، تردني إلى المشركين يفتنوني في ديني ؟ ‏

‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏ :‏ ‏" ‏اصبر يا أبا بصير واحتسب لك ولمن معك من المستضعفين من المؤمنين فرجا ومخرجا "

فخرج معهما أبو بصير فلما جاوزا المدينة نزلا لطعام ، وجلس أحدهما عند أبي بصير وغاب الآخر ليقضي حاجته ..فأخرج القاعد عند أبي بصير سيفه ثم أخذ يهزه ويقول مستهزءا بأبي بصير :

لأضربن بسيفي هذا في الأوس والخزرج يوما إلى الليل ..

فقال له أبو بصير : والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيدا

فقال : أجل والله إنه لجيد لقد جربت به .. ثم جربت ..

فقال أبو بصير : أرني أنظر إليه ..

فناوله إياه .. فما كاد السيف يستقر في يده .. حتى رفعه ثم هوى به على رقبة

الرجل فأطار رأسه .. فلما رجع الآخر من حاجته ..

رأى جسد صاحبه ممزقا مجندلا .. ففزع .. وفر حتى أتى المدينة ..

فدخل المسجد يعدو .. فلما رآه صلى الله عليه وسلم مقبلا .. فزعا ..

قال صلي الله عليه وسلم : " لقد رأى هذا ذعرا "

فلما وقف بين يديه صلى الله عليه وسلم صاح من شدة الفزع قائلا : قُتل والله صاحبي .. وإني لمقتول ..

فلم يلبث أن دخل عليهم أبو بصير تلتمع عيناه شررا والسيف في يده يقطر دما فقال :

يا نبي الله .. قد أوفى الله ذمتك .. قد رددتني إليهم ثم أنجاني الله منهم .. فضمني إليكم ..

قال صلى الله عليه وسلم : " لا "

فصاح أبو بصير بأعلى صوته :يا رسول الله .. أعطني رجالا أفتح لك مكة ..

فالتفت صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه وقال :" ويل أمه مسعر حرب لو كان معه رجال "

ثم تذكر عهده مع قريش فأمر أبا بصير بالخروج من المدينة فسمع أبو بصير وأطاع ..وما حمل في نفسه على الدين .. ولا انقلب عدوا للمسلمين

فهو يرجو ما عند الحليم الكريم .. من الثواب العظيم .. الذي من أجله ترك أهله وفارق ولده .. وأتعب نفسه .. وعذب جسده ..

روابط ذات صلة :


أبو بصير
صلح الحديبية

4 تعليقات:

  1. يا الله
    صلى الله على النبي محمد
    ورضي الله عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم

    ردحذف
  2. انهم رجال صدقو ما عاهدو الله عليه
    موضوع رائع جداً أبو مروان واستمتع بتصفحه لما فيه من العبر
    جزاك الله كل خير

    ردحذف
  3. لله ما احوجنا الى هذه القصة

    التعامل مع العدو في وقت الضعف يختلف عنه في وقت التمكن.

    سلمت يمينك ابا مروان

    ردحذف
  4. سلمت أخي أبو مروان على القصة الجميلة
    نتعلم منها أشياء عديدة نستفيد منها
    وتعلمنا كيف كان خير الأنام عليه الصلاة والسلام
    جزيت من عند الله خيرا أن شاء الله

    ردحذف